الجاسوس هو شخص يعمل على جمع المعلومات والمخابرات في سرية تامة، ويعتبر الجاسوس جزءاً من أعمال الاستخبارات العسكرية والحكومية والأمنية.
يقوم الجاسوس بجمع المعلومات عن أعداء الدولة أو المجموعات المعادية ويقوم بتحليل هذه المعلومات وتبادلها مع الجهات الأمنية والعسكرية الأخرى.
يستخدم الجواسيس العديد من الأساليب والتقنيات المتطورة للتجسس وجمع المعلومات، مثل الاستخبارات الإلكترونية والتجسس الصوتي والتجسس البصري والتجسس عبر الإنترنت والتجسس البشري.
ويجب أن يتمتع الجاسوس بمهارات خاصة وقدرة على الخداع والتلاعب والتضليل والتمويه والاختباء، ويجب أن يكون قادراً على تحمل الضغط النفسي والتعامل مع الخطر في أي وقت.
ويعد التجسس أحد الأنشطة الأكثر خطورة وسرية في العالم، وقد لعب الجواسيس دوراً حاسماً في العديد من الأحداث السياسية والعسكرية على مدار التاريخ، سواء كان ذلك في الحروب العالمية أو الصراعات الإقليمية أو الحرب على الإرهاب.
الجاسوس: تعريفه وأهميته في الأمن القومي.
قدم لبلاده خدمات جليلة دون ان يعرف حتى ذلك. لا يعرف اسمه الحقيقي او هويته الحقيقية. رغم انه لعب دورا هاما في خداع الالمان وقلب مسار الحرب لصالح الحلفاء. انه جاسوس بريطاني فريد من نوعه. فقد عمل لحساب المخابرات البريطانية وهو ميت.
من كتاب اشهر الجواسيس .
بل ونجح في مهمته ليحمل لقبا فريدا من نوعه في عالم المخابرات وهو الجاسوس الميت. في موضوعنا الوثائقي هذا سنستعرض معكم واحدة من اهم وابرع عمليات المخابرات البريطانية خلال الحرب العالمية الثانية.
دور الجواسيس في الحروب العالمية والصراعات الإقليمية.
انها عملية الجاسوس الميت. تابعونا للنهاية. نرحب بارائكم ومقترحاتكم التي تتوافق مع سياسة موقعنا. فيما هو مرتبط بالمواضيع التي من الممكن ان نعرضها عليكم. شكرا لكم.
يذكر الدكتور نبيل فاروق في كتابه اشهر الجواسيس انه مع حلول خريف عام الف وتسعمائة واثنين واربعين للميلاد وضع الحلفاء نصب اعينهم احتلال جزيرة صقلية
قصة الجاسوس الميت .
التي كانت تحت سيطرة القوات النازية لتكون تلك الجزيرة قاعدة انطلاق الى قلب اوروبا ودحر الرايخ الثالث. لكن اين السبيل الى ذلك والهدف هام وخطير. ومن الممكن ان يدركه الالمان بسهولة فتفشل الخطة .
هنا عكف رجال المخابرات البريطانية في البحث على وسيلة مبتكرة تخفي عن الالمان الامر او تصرف انظارهم الى هدف اخر بعيد عن الهدف الحقيقي.
وتوالت الافكار والاقتراحات في الاجتماعات المتعددة التي اقيمت في هذا الشأن. ثم جاءت تلك الفكرة على لسان احد شباب المخابرات.
ماذا لو القينا جثة لاحد الضباط البريطانيين بحيث تظهر على شواطئ اسبانيا حاملة بعض الوثائق التي تقول . باننا نستهدف سردينيا وليس صقلية. بدت الفكرة غريبة في البداية بل ومجنونة ايضا. لكن كانت فكرة جديدة ومبتكرة.
حتى انه تم اعتبارها افضل ما تم اقتراحه في هذا الشأن. لذا تمت دراستها بدقة قبل ان يصدر القرار بوضعها موضع التنفيذ باقصى سرعة ممكنة.
وبدأ رجال المخابرات البريطانية بالتعاون مع بعض الاطباء يبحثون عن مواصفات الجثة التي ينبغي ان يلقوها على شواطئ اسبانيا.
ووجدوا انفسهم امام عقبة هامة. فالشخص الذي يغرق في المحيط لابد وان تحتوي رئتاه على الماء.
وهذا امر لا يمكن صنعه بوسائل غير طبيعية. والاسوأ ان التشريح يمكن ان يكشف عدم وجود الماء فتفشل الخطة باكملها.
لكنهم لم ييأسوا. فواصلوا البحث عن جثة بالمواصفات المطلوبة القادر على خداع الالمان حتى عثروا على مبتغاهم في النهاية.
لقد كانت الجثة لشاب رياضي بالتهاب رئوي حاد ادى الى حدوث ارتشاح في الرئة.
وكان ذلك الشاب مناسبا تماما. فالطب الشرعي في ذلك الوقت لم يكن قد بلغ من التقدم ما يكفي لكشف الامر.
أساليب التجسس المختلفة: الإلكتروني، الصوتي، البصري.
وعلى الفور تواصلت المخابرات البريطانية مع اهل المتوفي. وطلبوا منهم التنازل عن جثث ابنهم دون ان يحق لهم معرفة سبب ذلك او الغرض منه. او يسمح لهم بالقاء اية اسئلة حول الامر.
واقنعوهم بان ذلك لصالح بريطانيا في حربها ضد المانيا. وامام ذلك وافق اهل المتوفي على التنازل عن جثة ابنهم للمخابرات البريطانية. بشرط واحد وهو الا يتم ذكر اسم ابنهم الحقيقي ابدا .
وافقت المخابرات على شرطهم لتحمل الجثة منذ ذلك الحين اسم الماجور ويليام مارتين حتى يومنا هذا.
وتم وضع الجثة في ثلاجة كبيرة لحين اعداد الوثائق اللازمة لمنح الامر صورة طبيعية كافية لخداع الالمان.
كانت البداية بتزويد الماجور مارتين ببطاقة هوية حقيقية. وفي سبيل هذا تم التقاط اكثر من مائتي صورة لوجه صاحب الجثة.
لكن النتائج لم تكن مرضية ابدا. فبالرغم من كل ما قام به خبراء الماكياج وتغيير الوجوه ليبدو الامر طبيعيا الا ان الصور كانت واضحة بانها لشخص ميت بالفعل.
وهكذا تخلى رجال المخابرات عن تلك المحاولات الفاشلة الماجور مارتن. واخذوا يبحثون عن شخص ما يشبه صاحب الجثة حتى عثروا على بغيتهم في مجند في البحرية كان يشبه مارتين ذاك بنسبة ثمانين بالمائة.
وترك رجال المخابرات الصورة بين يدي خبراء الماكياج وتغيير الوجوه لتتحول الصورة في النهاية الى صورة الماجور التي حوتها هويته العسكرية في حافظته.
ووضعوا في حافظته ايضا اشعارا من بنك كويد بان الحساب المكشوف للماجور هو ثمانون وعليه دفعها على الفور على نحو يوحي بانه ذو طبيعة مبذرة. ولم يكتفي رجال المخابرات بذلك.
بل سعوا لاتمام الامر بصورة مثالية. ولان الضباط الشباب العزاب لا بد وان تكون لهم بعض العلاقات العاطفية فقد صنع رجال المخابرات لرجلها صديقة وهمية تدعى بام.
ووضعوا صورتها في حافظته. وعليها اهداء رومانسي منها. كما وضعوا في جيبه رسالتين بتوقيعها.
التعاون الدولي في مكافحة التجسس والإرهاب.
تم فتحها وطيهم عدة مرات للايحاء بان المأجور قرأهما مرات ومرات. كذلك فقد وضع رجال المخابرات في جيوب مارتن فاتورة بمبلغ خمسة عشر جنيها لشراء خاتم خطبة.
من محلات بيرل وتذاكر اتوبيس مستعملة وبعض المفاتيح في سلسلة بسيطة حملت اسمه.
بالاضافة الى نصفي بطاقتي مسرح تحملان تاريخ العشرين من ابريل. على نحو يوحي بانه قد اصطحب خطيبته اليها. وكانت المسرحية تعرض ذلك الوقت بالفعل.
كما وضعوا في يد مارتين ساعة اوميجا تناسب عمره ودخله.
واخيرا وضع البريطانيون رسالة موجهة من رئيس الاركان الى الجنرال الكسندر قائد الجيش الثامن عشر الافريقي.
تحوي الاسباب التي تحول دون حصول الكسندر على موافقة القيادة بشأن عملية اقترحها.
وتم دس بعض الجمل التي تشير بذكاء الى ان هذا الاقتراح المرفوض يتعلق بغزو صقلية.
ووضع رجال المخابرات ايضا ذكرة موجهة من اللورد لويس مونتيباطن الى اميرالاسطول السيركو بنجهام القائد العام للبحرية في البحر المتوسط.
يشرح فيها مهمة حامل الرسالة الماجور مارتن. وفي نهايتها اشارة الى ان القيادة تتمنى ان يعود اليها مارتن بالسردين لشدة رغبتهم في الحصول عليه.
وكانت تلك المذكرة ابرع نقطة في العملية كلها. اذ ان الاشارة الى السردين على هذا النحو سيبدو لرجال المخابرات وكانه تحايل لاخفاء حقيقة الغزو من سردينيا. وهكذا اصبح كل شيء جاهزا لتنفيذ المهمة.
بعد الحصول على موافقة رئيس الوزراء وينستون تشرشل ابحرت الغواصة البريطانية صارف حاملة الجاسوس الميت.
وعندما وصلت الى هدفها اخرج التابوت الى سطح الغواصة. وتمت احاطة مارتن بسترة نجاة ثم تركه طاقم الغواصة للامواج تحمله الى الشاطئ.
حيث تبدأ الخدع. في الثلاثين من ابريل التقط صياد اسباني جثة الجاسوس بالقرب من شاطئ اسبانيا.
أخطاء الجواسيس المشهورة: قصص من الواقع ودروس مستفادة.
وابلغ السلطات الاسبانية التي نقلت الجثة الى المستشفى لفحصها وتشريحها وتحديد سبب الوفاة او هذا ما بدا على الاقل.
فبالرغم من ان اسبانيا كانت رسميا محايدة فقد تم تسريب الخبر في سرية بالغة الى الالمان .
الذين ارسلوا من فورهم احد ضباط مخابراتهم مع واحد من اطبائهم لفحص الجثة وتشريحها. والوقوف على حقيقتها نظرا للزي العسكري.
وجاءت النتيجة لصالح المخابرات البريطانية. فقد جاء تقرير التشريح الذي حمل توقيع الطبيب الاسباني.
الذي عاون الطبيب الالماني في تشريح الجثة. جاء ليؤكد ان سبب الوفاة هو الغرق.
كل ذلك ولم تحاول السفارة البريطانية التدخل في الامر نظرا لانه لم يرد اليها اي خبر رسمي بهذا الشأن.
وترك البريطانيون الامر يسير على النحو الذي رسموه. وبعد يومين من اكتشاف الجثة تسلم السفير جثة الماجور مارتن وقام بدفنها في مقبرة مدينة هوليجا الاسبانية.
وفي الوقت نفسه كان رجال المخابرات الالمانية يقومون بتصوير ونسخ كل ورقة تم العثور عليها في ثياب مارتن لفحصها بعناية.
وابتلع الالمان الطعم ووقعوا في الفخ الذي نصبته لهم المخابرات البريطانية.
فقد وجدوا كل شيء منطقي حتى خطابات بام كانت مكتوبة بخط واسلوب انثويين. بل والادهى انه بعد تحليل النفسانيين الالمان لاسلوب بام قد اكدوا ان شخصية بام تناسب الارتباط بواحد من رجال الجيش البريطاني.
وفي الرابع من مايو تلقى القنصل البريطاني رسالة سرية من لندن تقول ان الماجور مارتن .
بخلاف القواعد والتعليمات المعتادة ولظروف غير تقليدية كان يحمل بعض الوثائق والاوراق السرية مطالبين الحكومة الاسبانية باعادتها.
لتستجيب لهم الحكومة الاسبانية مؤكدين ان الاوراق كانت محفوظة في مكان امين. وان احدا لم يطلع عليها.
وبدبلوماسية شديدة ابدى القنصل البريطاني تفهمه للامر. وشكر الاسبان على حسن تعاونهم لينتهي الامر عند هذا الحد او هذا ما بدا حينها.
فالذي لا يعلمه احد ان البريطانيين قد استخدموا في رسالتهم شفرة قديمة يعلمون جيدا ان الالمان حصلوا عليها بالفعل.
وهكذا تمكن الالمان من قراءة الرسالة الموجهة للسفير وادركوا انهم وقعوا صيد ثمين. ولان الامر جد خطير فقد تم اعداد لجنة المانية على اعلى مستوى لاعادة دراسة الموقف.
ولم يختلف تقييمهم للامر عن ما استنتجه زملاؤهم. فقد احبك البريطانيون الخدعة بحق. حتى انهم وضعوا لوحة رخامية على قبر مارتين.
وارسلت الجالية البريطانية في اسبانيا اكليلا من الزهور على قبره.
بل وتم ادراج ويليام مارتين في الركن المخصص لقتل الحرب في جريدة التايمز.
وامام كل ذلك تم رفع الامر الى مسؤول الدفاع الاول الادميرال كارل دوينتز والى هتلر الذي اكد ان غزو الحلفاء سيتجه الى سردينيا في اليونان وليس الى صقلية.
وارتكب الالمان اخطاء فادحة بالجملة لمواجهة الهجوم الوهمي للحلفاء على سردينيا.
فقد نقلوا فرقة كاملة من الدبابات من فرنسا الى اليونان للدفاع عن طرق المواصلات والموانئ التي ورد ذكرها في وثائق مارتن.
كما ثبتوا عددا الالغام بعرض الساحل اليوناني. ونصبوا عليه مدفعية قوية ونظموا دوريات بحرية من قاذفات التوربيد.
تأثير التكنولوجيا على عمليات التجسس: الفوائد والمخاطر.
والاسوأ انهم نقلوا اسطول الزوارق البحرية من صقلية الى اليونان. وهم مطمئنون الى انهم كشفوا خطة الحلفاء واحبطوها. ثم كانت المفاجأة القاسية عندما هاجم الحلفاء صقلية كالاعصار. لتكون تلك بداية النهاية للرايخ الثالث .
وجن جنون القيادة الالمانية ولم يصدقوا حتى ان الادميرال دوينتز قد ارسل ثلاث مرات للتأكد من ان اخبار الهجوم على صقلية صحيحة ولم يدرك الالمان الخدعة.
بل ولم يعرف احد بالامر الا بعد ان وضعت الحرب اوزارها عام الف وتسعمائة وخمسة واربعين.
بعد ان انتحر هتلر وسقطت المانيا في ايدي الحلفاء. لتبدأ مرحلة الاحتفال بالنصر والتفاخر بالانجازات.
ويعلن البريطانيون عن تلك الخدعة التي ساهمت في تغيير مسار الحرب العالمية الثانية. العالم بما يسمع.
وتوافد المئات على ذلك القبر الذييحمل اسم الماجور ويليام مارتين في مدينة هوليجا وراحوا يغمرونه بالزهور تقديرا للدور الذي لعبه لنصرة بلاده.
لكن ذلك الشخص الذي اخذ ينال كل هذا التقدير والشكر لا وجود له في الحقيقة.
انه مجرد شخص وهمي صنعته المخابرات البريطانية باسم ويليام مارتين.
وليس الشخص الحقيقي مجهول الاسم والهوية الذي يرقد في ذلك القبر والذي دخل عالم الجاسوسية ولعب دورا مؤثرا فيه وهو ميت. نأمل ان يكون المحتوى قد نال اعجابكم.