سورة الكهف هذه السورة هي سورة عظيمة , سورة الأمة المحمدية الوسط فهي وسط القرآن وفيها ذكر الأولياء والرسل والعباد الصالحين والفتية وذي القرنين وأصحاب الجنتين بدأت السورة بعد إنتهاء سورة الإسراء حيث أن هذا القرآن العظيم هو قرآن توقيفي.
الإرادات الأربعة في قصة موسي والخضر عليهم السلام
بسم الله الرحمن الرحيم اللهم أنت الله المنعم المتفضل القادر المقتدر القهار المقدس العظيم, سبحانك يا لا إله إلا انت وأشهد أن سيدنا محمد عبدك ورسولك صلاة موصولة بصفات الكمال والجمال من رب النور , والجمال والكمال لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين.
ففي التسلسل المنطقي الأيات ، لأسرار يعجز اللسان عن وصفها ولكن القرآن وهو تبيان لكل شئ وهو منهل عذب متجدد فياض من الأذل إلي الأبد فقد من الله علي كل من قرأ القرآن وتعبر وعبر وتمعن وفحص ومحص وثابر وجاهد.
فإنفتحت له الفيوضات وأصبح يري ويتكلم بنور الإيمان
بعد أن فاضت عليه تلك الأيات المباركات بنعم وعظم ما فيها من الأسرار وحيث كان
هدفنا وإلي إنشاء الله ما شاء الله.
دائماً أبداً سرمداً أن نقف حول المعاني
القرآنية, وأن ننهل منها ما فيها من العظم والعبر وأن نواكب ذلك مع العصر , فالقرآن
يحتاج منا أن ننظر إليه في كل وقت وننهل من الفيوضات المتجددة و التي لا تقف أبداً
ولا تدوم لأحد سرمدا.
بل أنها فيوضات دائمة متوالية متجددة ففي السورة الشريفة. سنتكلم عن الإرادات الأربع التي ذكرها الخضر عليه السلام عندما قال.
(أما السفينة فأردت أن أعيبها ، وأما الغلام فأردنا أن يبدلهما ربهما خيراً منه زكاةً وأقرب رحماً ), وأما عن حال الجدار فقد أردت أن أوضح هذه الإرادات الأريعة تنفيذاً للوعد السابق في شرح هذه الإرادات.
الإرادة الأولي إرادة الخضر في قوله (أردت أن أعيبها).
والإرادة
هنا إرادة للخضر إعمالً لقول الحق جل وعلا بسم الله الرحمن الرحيم ( إِنِّي
جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ).
أي أن يكون هناك صاحب لذلك الزمان يتصرف حسب مرادات الحق جل وعلا ويكون محل للفيوضات والتجليات الإلهية في التصرف في شئون الكون ولا يمنع ذلك أن يكون موزوداً في النبي ذاته أو الرسول صاحب الوقت.
ولنا في الخضر وموسي عبره كما أن لنا في سليمان وإبن عمته عبره فالخضر عليه السلام يتصرف حسب مقتضيات الخالق في خلقه وحيث أنه يملك التصريف فإنه يتصرف حتي لو بالأمور الباطنية .
والتي كان يعلمها موسي عليه السلام, فإرادة الخضر هي إرادة التصرف إرادة منفردة , وهذا القول يعطينا أكبر دليل علي أن الشخص الذي يكون محلً للتجليات الإلهية والذي يصلح أن يكون خليفة الله في أرضه لتنفيذ أمور قضاء الله في خلقه.
أن يكون محلاً لسؤاله في الإجابة عن أمور كثيرة فالخضر يتصرف ، وهذا يوضح لنا حقيقة طلب المدد من الأولياء والأنبياء والرسل والمقربين وأهل الله الصالحين فالمدد عندهم لأنهم يملكون التصريف ولكنهم لا يقضون هذه الطلبات أو هذا المدد إلا إذا كان يوافق شرع الله ظاهراً وباطناً.
فالخضر هنا يملك التصريف الظاهري والباطني فإرادة الخلق إرادة منفردة في أن يتصرف في الكون ، فلا مانع أن نسأل صاحب الوقت لأنه يملك بحكم التصرف ولأنه لا يتصرف من ممتلكات ذاته ،ولكنه يتصرف من ممتلكات الخالق جلا وعلا بتفويض من قول الحق جل وعلا إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً .
الإرادة الثانية إرادة الخضر في قوله ( أردت أن يبدلهما )
أما
عن الإرادتان الثانيتان في الغلام فأردنا هنا إرادة للحق جل وعلا وإرادة للخضر
عليه السلام أما إراداة الخضر فهي بكونه عبداً صالحاً محلاً لتنفيذ الأوامر
والفيوضات الإلهية فلا منه أن يسأل الله .
فإرادة الخضر بالسؤال أن يجعل الله سبحانه وتعالي ، ويخلق الله لهذا الرجل ولهذه المرأة ولداً صالحا فإذن إرادة الخضر هنا في السؤال في أن يرزق الله والدي الطفل من هو أصلح لهما عنه.
أما إرادة الحق جل وعلا وهي الإرادة المنفردة في عالم ليس فيه أحد غيره في ملك التصريف الذاتي هي إرادة الخلق والإيجاد الإرادتين إرادة الله في الخلق والإيجاد وإرادة الخلق في الدعوة لذلك الولد للصلاح وأن يرزق الله أهله بولد صالحا.
والعجيب كل العجب أن الخضر في هذا التنفيذ يقيم شريعة النبي صاحب الوقت وينفذها في قتله للغلام لأن عقوبة عقوق الوالدين في الشريعة اليهودية هي قتل الغلام وقد قتله فإنظر ذلك الرسول موسي عليه السلام والخضر عبد صالح .
ولكن الخضر وهو عبد صالح يتولي التريف في شئون الكون حسب مرادات الحق ,فينفذ شريعة النبي موسي عليه السلام إذاً فرقنا بين الإرادات الثلاث إرادة الخضر في خرق السفينة وهي الأول , لأنه صاحب التصريف ويملك التصريف ويعطي المدد .
ومن هنا يكون سؤال الصالحين ولذلك قال أحد الصالحين ,إننا نملك أن نجيب كل دعوة كل داعٍ فلولا إتخذ الناس قبورنا ملجأ للدعاء والعبادة لإستجبنا لكل الدعوات ولكننا لا نستجيب في إجابة الدعوات أو أننا لا نسأل الله إلا إذا كانت مطابقة ظاهراً وباطنا حقيقة وشريعة.