أبو عبيدة قاهر الأعداء
أبوعبيدة عامر بن عبد الله بن الجراح الفهري القرشي (40 ق.هـ / 584م - 18 هـ / 639م) كان صحابيا وقائدًا مسلمًا، ومن العشرة المبشرين بالجنة والسابقين الأوائل إلى الإسلام.
قد أطلق عليه النبي محمد لقب "أمين - الأمة" حيث قال: "إن لكل أمة أمينًا، وإن أميننا أيتها الأمة - أبو عبيدة بن الجراح". وفي سقيفة بني ساعدة، أعرب أبو بكر الصديق عن رضاه للمسلمين بقوله: "قد رضيت لكم أحد هذين الرجلين: عمر بن الخطاب، وأبا عبيدة بن الجراح".
إسلام ابو عبيدة بن الجراح :
اسم ونسب ابو عبيدة بن الجراح :
والدة أبو عبيدة :
لا يُوجد أحد عرف ترتيب أبي عبيدة بين السابقين إلى الاسلام، ولكن قال ابن هشام في السيرة ذكره في عُصبة أسلمت بعد ثمانية نفر سبقوا إلى الإسلام، والأرجح أنهم لم يُسلموا في يوم واحد، بل أسلموا متفرّقين في أيام، وكان ترتيبهم بأجمعهم بعد الثمانية السابقين، وقبل مَن ذُكر بعدَهم.
ويُعد أبو عبيدة من السابقين الأولين إلى الإسلام، فهو ممن التقي بهم النبيُّ محمدٌ في دار الأرقم قبل أن يُبلغ المسلمون أربعين رجلاً، وهو صاحبُ النبي من أول الدعوة، وحفظ القرآن منذ قدوم فجره الأولى، وأُذي إبو عبيدة في سبيل الله فصبر، ونقل ابن سعد أنه هاجر إلى أرض الحبشة وكانت هذه الهجرة الثانية في رواية عن محمد بن إسحاق ومحمد بن عمر، ولم يتم ذكره من قبل موسى بن عُقبة. وقَال الذَهبي: «إن كان هاجَرَ إلى الحَبَشة - فإنه لم يطِل بِها اللََّبثُ».
هجرة أبو عبيدة إلى المدينة :
وقد هَاجر أبو عُبيدة من مَكه ثم إتجه إلَى المَدينة المُنوره، فَنزل عَلَي كَلثوم بِن الهَدم الأوسي، وبَعد أن وصل النبي مُحمد إلى دار الهِجرة، آخى بين كل من المهاجرين والأنصار، وقد روى مسلم في الصحيح عنه عن أنس بن مالك:
أن النبي ( صل الله عليه وسلم ) قد آخى بين أبي عبيدة بن الجراح وبين أبي طلحة (زيد بن سهل - بن الأسود الخزرجي). وقد نقل ابن سعد في الطبقات: «أن الرسول ( صل الله عليه وسلم ) آخى بين كل من أبي عبيدة بن الجراح وسالم مولى أبي حُذيفة». وقيل: «أن الرسول ( صل الله عليه وسلم ) آخى بين كل من أبي عبيدة وبين سعد بن معاذ».
في العهد النبوي غَزوة بدر:
من المتُفق عليه أن أبا عبيدة حضر غزوة بدر الكبرى التي وقعت في 17 رمضان 2 هجريا الموافق 13 مارس (آذار) 624ميلاديا، وأبى مع غيره من المهاجرين والأنصار بلاءً حسناً. وقد تناقلت كتب المغازي والتاريخ والتفسير أنه أبا عبيدة قتل أباه يوم بدر كافراً، فقد نقل الخبر في تاريخ دمشق، قال:«وقد أخرج الحافظ من طريق البيهقي - عن عَبد الله بن شَوذب». وقد قَال ابن حجر في الإصابة: «وهو فيما أخرجه الطبراني عن عبد الله بن شوذب». وقال السيوطي في «أسباب النزول»: «وأخرج ابن أبي حاَتم عن ابن شوذب قال: قد نزلت هذه الآية في أبي عبيدة حين قتل أباه يوم بدر: ﴿لَّا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ﴾ المجادلة: 22». وقد أخرجه الحَاكم من طَريق ضَمرة بن ربيعة الفلسطينى عن عبد الله بن شوذب. وقال آخرون: إن أبا عبيدة لم يقتل أباه يوم بدر، وليس في هذا خبر صحيح أو حَسن أو ضعيف، وهذا الخبر لا يَصح سنداً ولا متناً، أما السند فهو معضل، لأن عبد الله بن شوذب بعيد جداً عن زمن الحدث، وهو رجل خراساني - بصري شامي، لم يرحل إلى المدينة منبت الأخبار التي حَصلت في العَصر النَبوي.
ولا يمكن أن يَصِح متناً؛ لأن ابن عساكر قد نَقل عن المُفضل بن غسان أن ألواقِدي كان ينكر أن يكون أبو أبي عبيدة أدرك الإسلام، ويُنكر قول أهل الشام إن أبا عبيدة لَقِي أباه في زحَف فقتله، وقال: «سألتُ رجالاً من بني فهر، منهم زفر بن محمد وغيره، فقال: توفي أبوه قبل الإسلام».
غزوة أحد: تاريخيًا، ثُبِتَ أنَّ أبا عبيدة حضر غزوة أحد التي وقعت في 7 شوال 3 هـ الموافق 23 مارس 625م. كان من الذين ثَبَتوا في ميدان المعركة عندما هُاجَمَ المسلمون بوحدة المشركين. كان من المدافعين عن النبي محمد. يُذكر أنه نزع يوم أحد الحلقتين التي دخلتا من المغفر في وجنة النبي بثنيتيه، فانقلعت ثنيتاه، فحسن ثغره بذهابهما. قِصة وقوع ثنيتي أبي عبيدة روتها السيدة عائشة: سَمعتُ أبا بكر يقول: "لما كَان يومُ أحد، ورُمِيَ رسولُ الله( صل الله عليه وسلم ) في وجهه حتى دخلت في أجنتيه حلقتان من المغفر، فأقبلتُ أسعى إلى رسول الله ( صل الله عليه وسلم ) وإنسان قد أقبل من قِبَلِ المشرق يطير طيراناً، فقلت: اللهم اجعله طاعة أو "طلَحة" حتى توافينا إلى رسول الله، فإذا أبو عبيدة بن الجراح قد بدرني فقال:
أسألك بالله يا أبا بكر إلا تركتني فأنزعه من وجنة رسول الله ( صل الله عليه وسلم )، قال أبو بكر: فتركتُه، فأخذ أبو عبيدة بثنيةٍ إحدى حلقتي المغفر فنزعها، وسقط على ظهره، وسقطت ثنية أبي عبيدة، ثم أخذ الحلقة الأخرى بثنيته الأخرى، فسقطت، فكان أبو عبيدة في الناس أثرم (أهتم: وهو الذي انكسرت ثناياه من أصولها).
سرية أبي عبيدة بن الجراح:
بعث النبي محمد أبا عبيدة بن الجراح في أربعين رجلاً إلى ذي القصة في شهر ربيع الآخر سنة 6 هـ الموافق لشهر أغسطس (آب) 627م. وكان سبب السرية هو أنه وصلته معلومات بأن بعض القبائل كانوا يخططون للهجوم على مرعى المدينة. وفي ذلك الوقت، كان أبو عبيدة يرعى الماشية في منطقة بعيدة نحو سبعة أميال من المدينة.
بدأوا رحلتهم مع صلاة المغرب، وساروا طوال الليل حتى وصلوا إلى ذي القصة مع فجر اليوم التالي. قاموا بمهاجمة القبائل المخططة للهجوم، وتمكنوا من إخافتهم ودفعهم للهروب في الجبال. أسروا رجلاً واحدًا، وجمعوا نعمًا من ممتلكاتهم وثيابًا. عندما عادوا إلى المدينة، قسم النبي محمد الغنيمة بينهم، وأسلم الرجل الذي أُسِر، فتم تركه بحريّة.
سرية ذات السلاسل:
وقعت سرية عمرو بن العاص، المعروفة أيضًا بذات السلاسل، في شهر جمادى الآخرة سنة 8 هـ الموافق لشهر سبتمبر (أيلول) 629م. بعث النبي محمد جيشًا في هذه السرية، حيث اختار أبا عبيدة ليقود المهاجرين، وعمرو بن العاص ليقود الأعراب، وقال لهما: "تطاوعا". وكانت المهمة هي استعراض الأوضاع والتأكد من أمان المدينة.
قاد عمرو بن العاص هجومًا على قضاعة لأنهم كانوا يشكلون تهديدًا. وفي هذا السياق، قال المغيرة بن شعبة لأبو عبيدة أن رسول الله اختارهما للمهمة وأمرهما بالتعاون. وعندما اقترب عمرو من القوم، أبلغ بأنهم جمع كبير، فأرسل إلى رسول الله يطلب المساعدة.
أمر النبي محمد أبا عبيدة بن الجراح بمئتين من المهاجرين والأنصار لينضم إلى عمرو بن العاص. كما أرسل معهم أبو بكر وعمر، وأمرهم بالتعاون وعدم الاختلاف. استجاب أبو عبيدة لأمر النبي ولحق بعمرو.
عندما أراد أبو عبيدة أن يؤم الناس في الصلاة، قال عمرو: "إنما قدمت عليّ مددًا وأنا الأمير". وبذلك أطاع أبو عبيدة لأمر عمرو، الذي قاد الناس في الصلاة.
سرية الخبط: